في الثلاثين من عمر سريع تسقط أكثر من أن تكون طفلًا يتعلّم المشي وحده، بينما كلّ الأيادي التي كانت تلتقطك دومًا لن تجدها! بعد الثلاثين أنت لا تزال صغيرًا لكي تحتمل صفعات الحنين لوحدك، وأنضج من أن تعود في المساء مُحمّلًا بالوجع والبكاء وشيء من الحسرة!.. بعد الثلاثين يصيرُ حُلمك الوحيد أن تنضو غلالة الشوق عن كثير من الأشياء التي لا تزال عالقة فيك، ترجو أن تنام وفي قلبك تحتضن شغفًا ليوم جديد، تحلم بأشياء أعظم من أن تصحو مذهولًا أنك على قيد الحياة، وأن قلبك لا يزال ينبض ويخفق! بعد الثلاثين تدرك حقيقة أن كلّ شيء يصير بمقابل، وأنك تفكر في الآخرين أكثر من نفسك، وأن الحب ينعدم مرّة واحدة! بعد الثلاثين تجردك الأفكار من كل شيء فيك، فتفرح يومًا، وتحزن عام .. هي مرحلة تعيدك للصفر، فتجد نفسك القوي الضعيف، يصفعك الظن، وأحيانًا يُنصفك القدر. تشتهي الأمل وفي داخلك يقبع وجع عميق.. بعد الثلاثين تولد مرارًا، تبحث عن ملامحك فلا تجدها، ينتابك الفرح وعلى أبواب عينيك تقف الدموع، تنتظر حزنًا ولو من بعيد كي تسقط كما المطر قطرة تلو قطرة. في الثلاثين أنت حيٌّ وميت، حرٌ ومُكبّل، سجين وطليق. في الثلاثين أنت طفل كما كنت دومًا.. تسقط، تبكي، تخاف، وتحلُم.. دائمًا تحلُم!